المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠١٢

العقيدة الأشعرية وحفظ الخصوصية المغربية

صورة
قيل الكثير عن دواعي اختيار المغاربة للمذهب المالكي، لكن المؤكد أن رؤية أهل المغرب للمذهب المالكي كانت رؤية شمولية، استوعبت منه قضاياه العقدية على نحو ما استوعبت منه قضايا الفقه العملي. وقد استهوى المغاربة من المذهب المالكي أنه ليس مذهبا فقهيا فقط، وإنما هو مذهب يبرز من نصوصه حرص مؤسسه على إبراز موقفه الصريح من كبرى القضايا العقدية، وهو ما حدد انتماء المذهب إلى تيار أهل السنة والجماعة. لقد كتب شهاب الدين القرافي في كتاب الجامع من الذخيرة بحثا مطولا استعرض فيه مجمل اعتقاد مالك في الله وفي الأنبياء والصحابة، وفي التقليد في العقيدة، وفي البدع الفكرية. و علق القرافي على هذا المبحث فقال: "هذا الكتاب يختص بمذهب مالك لا يوجد في تصانيف غيره من المذاهب"  (1). وقد أدرك الفقهاء المالكية أهمية ربط المذهب الفقهي المالكي بالجانب العقدي تحصينا لعقيدة الناس خوفاً من أن يتسرب إليها من شبهات الطوائف الأخرى ما يفسدها. فصدروا بعض كتبهم بمباحث العقيدة على الرغم من أن العقيدة تنتمي إلى مجال معرفي آخر، هو مجال الأحكام الأصلية، ونجد لذلك أمثلة واضحة في مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني الملقب

خصائص العقيدة الأشعرية في المغرب

صورة
إن المتتبع للحضور الأشعري في الغرب الإسلامي سيميز بين ثلاثة أطوار أو مراحل أساسية مر بها هذا الحضور، وكل مرحلة تميزت بطابع خاص على امتداد فترة وجودها.. في   المرحلة الأولى  لم يرق الوجود الأشعري إلى مستوى تكوين مدرسة أشعرية مغربية، وكل ما كان هناك هو تمثلات فردية لهذا المذهب ليس إلا... أما  المرحلة الثانية ، وهي مرحلة ترسيم المذهب، ففيها شهد هذا المذهب انتشارا كبيرا وتغلغلا واسعا أدى إلى تعميمه وترسيمه. وفي هذه المرحلة بدأت ثوابت هذا المذهب بصيغتها المغربية تتشكل في ضوء الملابسات السياسية، والشروط الموضوعية والنظرية التي كان يعرفها الغرب الإسلامي وبخاصة في غضون تأسيس دولة الموحدين، لمواجهة العقيدة التي كانت سائدة زمن المرابطين (عقيدة أهل التسليم والتفويض) التي كانت مذهبا رسميا زمن الدولة المرابطية وقبلها.. فكان -والحال هذه -أن انتقى هؤلاء الأشاعرة من بين آراء الأشاعرة رأيا يرى أن علوم النظر واجبة شرعا وجوبا عينيا، وأنها شرط من شروط الإيمان، يصح بوجودها وينعدم ويبطل بانعدامها. وفي هذا الاختيار دفاع عن المذهب الأشعري وتكريس له دون سواه. لأن علوم النظر في هذا السياق لم تكن

العقيدة الأشعرية في المغرب

صورة
يشكل الجانب العقدي للأمة المغربية، عبر تاريخها الطويل، ثابتا من ثوابت الدولة المغربية، ومعلما من معالم هويتها الثقافية. ولما كانت العقيدة الأشعرية قد ارتبطت بتاريخ المغرب ارتباطا قويا وطويلا، امتد ما يقارب عشرة قرون، فإن الإهتمام بتاريخ حضورها وتطورها في هذا البلد يشكل مطلبا علميا جديرا بالإهتمام والمتابعة. لذلك، فإن هذا الملف سيحاول أن يثير مجموعة من القضايا والإشكالات التي ستساعد في كشف النقاب عن مكمن السر في تشبث المغاربة بهذا المذهب إلى يومنا هذا، ثم ما هي نقط القوة في هذا المذهب التي منحته القدرة على التكيف والاستمرارية؟ ومما لا شك فيه، أن تتبعنا لمختلف الأطوار التاريخية التي مر بها هذا الفكر في هذه المنطقة بالذات سيكشف لنا الآليات التي كانت تحركه، وأوجه تميزه واستقلاليته عن المدرسة الأشعرية في المشرق، مما يكشف طبيعة العلاقة الجدلية القائمة بين هذا الفكر وخصوصية الواقع المغربي المميز، وملابساته التاريخية والاجتماعية والسياسية التي عرفها. سيما وأن الفكر الأشعري المغربي قد عرف قفزة نوعية، سواء من حيث تطوره التاريخي، أو من حيث مضامينه وثوابته، أو منهجيته. وهناك جوانب تميز بها

لماذا اعتنق المغاربة العقيدة الأشعرية؟

صورة
إن التزام أهل الغرب الإسلامي، وخصوصا أهل المغرب، بالمذهب الأشعري له أكثر من دلالة في سياقه الحضاري والتاريخي. ذلك أن العقيدة الأشعرية في تراث هذه البقعة الجغرافية كانت مقوما من مقوماته الفكرية. وقد عبر عبد الواحد بن عاشر (ت 1040هـ) عن هذا المعنى في منظومته المرشد المعين بقوله: في عقد الأشعري وفقه مالك *** وفي طريقة الجنيد السالك فظلت عقيدة أهل الغرب الإسلامي عقيدة أشعرية، مما يعني أن دخول هذا المذهب لهذه المنطقة لم يكن حدثا عابرا، وإنما تميز بكونه عرف تأصيلا وترسيما وتطورا امتد من القرن الخامس الهجري إلى يومنا هذا. ولعل الإشكال المركزي الذي يطرح نفسه في هذا المقام، هو عن طبيعة المناخ العام لاعتناق أهل المغرب للعقيدة الأشعرية، وصيرورة تشكل هذا المذهب في التربة المغربية، ومكمن السر في تشبث المغاربة بهذا المذهب إلى يومنا هذا؟ ثم ما هي نقط القوة في هذا المذهب الذي منحته القدرة على التكيف والاستمرارية؟ أسئلة كثيرة يمكن أن تطرح في هذا الصدد، ومع أننا لا نزعم امتلاك أجوبة نهائية لها، فإننا سنحاول أن نثير مجموعة من القضايا علها تساعدنا في كشف النقاب عن مكمن هذا السر ومصدر هذه ا

مراحل اعتناق المغاربة للعقيدة الأشعرية

صورة
إن أول ملاحظة قد يسجلها الباحث وهو يتناول قضية الفكر الأشعري بالغرب الإسلامي بالدراسة والمتابعة،هي قلة الدراسات التي اهتمت بهذا الجانب مقارنة مع مختلف ما ألف ونشر في قضايا الفكر الإسلامي عموما.. ولعل من أبرز أسباب هذه الندرة الركون إلى التقليد حينما استقرت أمور التوحيد على هذه العقيدة السنية.. تاريخ دخول المذهب الأشعري إلى المغرب تختلف آراء الباحثين في من كان أول من أدخل مبادئ الفكر الأشعري إلى الغرب الإسلامي، إلا أنها جميعها تكاد تجمع على أن إرهاصات هذا الفكر ظهرت في القرن الرابع الهجري. ومنها ما يزعم أنه كان في حياة أبي الحسن الأشعري. ومن المؤكد أن هذا الفكر كان موجودا ومعروفا زمن المرابطين، وقد دل على ذلك استقراؤنا لمختلف الأدبيات التي أرخت للفكر الأشعري بالمغرب، ومن ذلك ما أورده محمد بن تاويت الطنجي في تقديمه لكتاب "ترتيب المدارك"  (1) ، إذ يقول عن المدرسة الأشعرية المغربية أيام المرابطين: "هذه المدرسة المغربية كانت على علم تام بالجدل والمناظرة وأصول الدين والكلام على مذهب أبي الحسن الأشعري، وإن كتب الأشاعرة في علم الكلام كانت معروفة بين رجال المغرب يتدارسونها