بيان فضيلة الجوع وذم الشبع


            
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش فإن الأجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله وأنه ليس من عمل أحب إلى الله من جوع وعطش حديث جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش ثم أجد له أصلا وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل ملكوت السماء من ملأ بطنه حديث ابن عباس لا يدخل ملكوت السموات من ملأ بطنه لم أجده أيضا وقيل يا رسول الله أي الناس أفضل قال من قل مطعمه وضحكه ورضي مما يستر به عورته حديث أي الناس أفضل قال من قل طعمه وضحكه ورضي بما يستر عورته يأتي الكلام عليه وعلى ما بعده من الأحاديث وقال النبي صلى الله عليه وسلم سيد الأعمال الجوع وذل النفس لباس الصوف حديث سيد الأعمال الجوع وذل النفس لباس الصوف وقال أبو سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البسوا وكلوا واشربوا في أنصاف البطون فإنه جزء من النبوة حديث أبي مسعود الخدري البسوا وكلوا واشربوا في أنصاف البطون وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم الفكر نصف العبادة وقلة الطعام هي العبادة حديث الفكر نصف العبادة وقلة الطعام هي العبادة وقال الحسن أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلكم عند الله منزلة يوم القيامة أطولكم جوعا وتفكرا في الله سبحانه وأبغضكم عند الله عز وجل يوم القيامة كل نئوم أكول شروب حديث الحسن أفضلكم عند الله أطولكم جوعا وتفكرا الحديث لم أجد لهذه الأحاديث المتقدمة أصلا وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجوع من غير عوز حديث كان يجوع من غير عوز أي مختارا لذلك أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث عائشة قالت لو شئنا أن نشبع لشبعنا ولكن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يؤثر على نفسه وإسناده معضل أي مختارا لذلك وقال صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يباهي الملائكة بمن قل مطعمه ومشربه في الدنيا يقول الله تعالى انظروا إلى عبدي ابتليته بالطعام والشراب في الدنيا فصبر وتركهما اشهدوا يا ملائكتي ما من أكلة يدعها إلا أبدلته بها درجات في الجنة حديث أن الله يباهي الملائكة بمن قل مطعمه في الدنيا الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل وقد تقدم في الصيام وقال صلى الله عليه وسلم لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب فإن القلب كالزرع يموت إذا كثر عليه الماء حديث لا تميتوا القلب بكثرة الطعام والشراب الحديث لم أقف له على أصل وقال صلى الله عليه وسلم ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه وإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه حديث ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه الحديث أخرجه الترمذي من حديث المقدام وقد تقدم وفي حديث أسامة بن زيد وحديث أبي هريرة الطويل ذكر فضيلة الجوع إذ قال فيه إن أقرب الناس من الله عز وجل يوم القيامة من طال جوعه وعطشه وحزنه في الدنيا الأحفياء الأتقياء الذين إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا تعرفهم بقاع الأرض وتحف بهم ملائكة السماء نعم الناس بالدنيا ونعموا بطاعة الله عز وجل افترش الناس الفرش الوثيرة وافترشوا الجباه والركب ضيع الناس فعل النبيين وأخلاقهم وحفظوها هم تبكي الأرض إذا فقدتهم ويسخط الجبار على كل بلدة ليس فيها منهم أحد لم يتكالبوا على الدنيا تكالب الكلاب على الجيف أكلوا العلق ولبسوا الخرق شعثا غبرا يراهم الناس فيظنون أن بهم داء وما بهم داء ويقال قد خولطوا فذهبت عقولهم وما ذهبت عقولهم ولكن نظر القوم بقلوبهم إلى أمر الله الذي أذهب عنهم الدنيا فهم عند أهل الدنيا يمشون بلا عقول عقلوا حين ذهبت عقول الناس لهم الشرف في الآخرة يا أسامة إذا رأيتهم في بلدة فاعلم أنهم أمان لأهل تلك البلدة ولا يعذب الله قوما هم فيهم الأرض بهم فرحة والجبار عنهم راض اتخذهم لنفسك إخوانا عسى أن تنجو بهم وإن استطعت إن يأتيك الموت وبطنك جائع وكبدك ظمآن فافعل فإنك تدرك بذلك شرف المنازل وتحل مع النبيين وتفرح بقدوم روحك الملائكة ويصلي عليك الجبار حديث أسامة بن زيد وأبي هريرة أقرب الناس من الله يوم القيامة من طال جوعه وعطشه الحديث بطوله أخرجه الخطيب في الزهد من حديث سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل على أسامة بن زيد فذكره مع تقديم وتأخير ومن طريقه رواه ابن الجوزي في الموضوعات وفي حباب بن عبد الله بن جبلة أحد الكذابين وفيه من لا يعرف وهو منقطع أيضا ورواه الحارث بن أبي أسامة من هذا الوجه روى الحسن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البسوا الصوف وشمروا وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماء حديث الحسن عن أبي هريرة البسوا الصوف وشمروا وكلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السماء أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف وقال عيسى عليه السلام يا معشر الحواريين أجيعوا أكبادكم وأعروا أجسادكم لعل قلوبكم ترى الله عز وجل حديث طاوس مرسلا أجيعوا أكبادكم الحديث لم أجده أيضا وروى ذلك أيضا عن نبينا صلى الله عليه وسلم رواه طاوس وقيل مكتوب في التوراة إن الله ليبغض الحبر السمين لأن السمن يدل على الغفلة وكثرة الأكل وذلك قبيح خصوصا بالحبر ولأجل ذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه إن الله تعالى يبغض القارئ السمين وفي خبر مرسل إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش حديث إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم الحديث تقدم في الصيام دون الزيادة التي في آخره وذكر المصنف هنا أنه مرسل والمرسل رواه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان من حديث علي بن الحسين دون الزيادة أيضا وفي الخبر إن الأكل على الشبع يورث البرص حديث إن الأكل على الشبع يورث البرص لم أجد له أصلا وقال صلى الله عليه وسلم المؤمن يأكل في معى واحد والمنافق يأكل في سبعة أمعاء حديث المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء متفق عليه من حديث عمر وحديث أبي هريرة أي يأكل سبعة أضعاف ما يأكل المؤمن أو تكون شهوته سبعة أضعاف شهوته وذكر المعى كفاية عن الشهوة لأن الشهوة هي التي تقبل الطعام وتأخذه كما يأخذ المعى وليس المعنى زيادة عدد معى المنافق على معى المؤمن وروى الحسن عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أديموا قرع باب الجنة يفتح لكم فقلت كيف نديم قرع باب الجنة قال بالجوع والظمأ حديث الحسن عن عائشة أديموا قرع باب الجنة الحديث لم أجده أيضا وروي أن أبا جحيفة تجشأ في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أقصر من جشائك فإن أطول الناس جوعا يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا حديث إن أبا جحيفة تجشأ في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقصر من جشائك فإن أطول الناس جوعا يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أبي جحيفة وأصله عند الترمذي وحسنه وابن ماجه من حديث ابن عمر تجشأ رجل الحديث لم يذكر أبا جحيفة وكانت عائشة رضي الله عنها تقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تمتليء قط شبعا وربما بكيت رحمة مما أرى به من الجوع فأمسح بطنه بيدي وأقول نفسي لك الفداء لو تبلغت من الدنيا بقدر ما يقويك ويمنعك من الجوع فيقول يا عائشة إخواني من أولي العزم من الرسل قد صبروا على ما هو أشد من هذا مضوا على حالهم فقدموا على ربهم فأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم فأجدني أستحي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدا دونهم فالصبر أياما يسيرة أحب إلي من أن ينقص حظي غدا في الآخرة وما من شيء أحب إلى من اللحوق بأصحابي وإخواني قالت عائشة فوالله ما استكمل بعد ذلك جمعة حتى قبضه الله إليه حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم لم يمتلئ شبعا قط وربما بكيت رحمة له لما أرى به من الجوع الحديث أخرجه أبو موسى المديني مطولا في كتاب استحلاء الموت وأورد منه عياض في الشفاء وعن أنس قال جاءت فاطمة رضوان الله عليها بكسرة خبز إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذه الكسرة قالت قرص خبزته ولم تطب نفسي حتى أتيتك منه بهذه الكسرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه أول طعام دخل فم أبيك مند ثلاثة أيام حديث أنس جاءت فاطمة بكسرة خبز لرسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسند ضعيف وقال أبو هريرة ما أشبع النبي صلى الله عليه وسلم أهله ثلاثة أيام تباعا من خبز الحنطة حتى فارق الدنيا حديث أبي هريرة ما شبع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز الحنطة حتى فارق الدنيا أخرجه مسلم وقد تقدم وقال صلى الله عليه وسلم إن أهل الجوع في الدنيا هم أهل الشبع في الآخرة وإن أبغض الناس إلى الله المتخمون الملأى وما ترك عبد أكلة يشتهيها إلا كانت له درجة في الجنة حديث إن أهل الجوع في الدنيا هم أهل الشبع في الآخرة أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف وأما الآثار فقد قال عمر رضي الله عنه إياكم والبطنة فإنها ثقل في الحياة نتن في الممات وقال شقيق البلخي العبادة حرفة حانوتها الخلوة وآلتها المجاعة وقال لقمان لابنه يا بني إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة وكان الفضيل بن عياض يقول لنفسه أي شيء تخافين أتخافين أن تجوعي لا تخافي ذلك أنت أهون على الله من ذلك إنما يجوع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكان كهمس يقول إلهي أجعتني وأعريتني وفي ظلم الليالي بلا مصباح أجلستني فبأي وسيلة بلغتني ما بلغتني وكان فتح الموصلي إذا اشتد مرضه وجوعه يقول إلهي ابتليتني بالمرض والجوع وكذلك تفعل بأوليائك فبأي عمل أؤدي شكر ما أنعمت به علي وقال مالك بن دينار قلت لمحمد بن واسع يا أبا عبد الله طوبى لمن كانت له غليلة تقوته وتغنيه عن الناس فقال لي يا أبا يحيى طوبى لمن أمسي وأصبح جائعا وهو عن الله راض وكان الفضيل بن عياض يقول إلهي أجعتني وأجعت عيالي وتركتني في ظلم الليالي بلا مصباح وإنما تفعل ذلك بأوليائك فبأي منزلة نلت هذا منك وقال يحيى بن معاذ جوع الراغبين منبهة وجوع التائبين تجربة وجوع المجتهدين كرامة وجوع الصابرين سياسة وجوع الزاهدين حكمة وفي التوراة اتق الله وإذا شبعت فاذكر الجياع وقال أبو سليمان لأن أترك لقمة من عشائي أحب إلي من قيام ليلة إلى الصبح وقال أيضا الجوع عند الله في خزائنه لا يعطيه إلا من أحبه وكان سهل بن عبد الله التستري يطوي نيفا وعشرين يوما لا يأكل وكان يكفيه لطعامه في السنة درهم وكان يعظم الجوع ويبالغ فيه حتى قال لا يوافي القيامة عمل بر أفضل من ترك فضول الطعام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أكله وقال لم ير الأكياس شيئا أنفع من الجوع للدين والدنيا وقال لا أعلم شيئا أضر على طلاب الآخرة من الأكل وقال وضعت الحكمة والعلم في الجوع ووضعت المعصية والجهل في الشبع وقال ما عبد الله بشيء أفضل من مخالفة الهوى في ترك الحلال وقد جاء في الحديث ثلث للطعام فمن زاد عليه فإنما يأكل من حسناته حديث ثلث للطعام تقدم وسئل عن الزيادة فقال لا يجد الزيادة حتى يكون الترك أحب إليه من الأكل ويكون إذا جاع ليلة سأل الله أن يجعلها ليلتين فإذا كان ذلك وجد الزيادة وقال صار الأبدال أبدالا إلا بإخماص البطون والسهر والصمت والخلوة وقال رأس كل بر نزل من السماء إلى الأرض الجوع ورأس كل فجور بينهما الشبع وقال من جوع نفسه انقطعت عنه الوساوس وقال إقبال الله عز وجل على العبد بالجوع والسقم والبلاء إلا من شاء الله وقال اعلموا أن هذا زمان لا ينال أحد فيه النجاة إلا بذبح نفسه وقتلها بالجوع والسهر والجهد وقال ما مر على وجه الأرض أحد شرب من هذا الماء حتى روي فسلم من المعصية وإن شكر الله تعالى فكيف الشبع من الطعام وسئل حكيم بأي قيد أقيد نفسي قال قيدها بالجوع والعطش وذللها بإخمال الذكر وترك العز وصغرها بوضعها تحت أرجل أبناء الآخرة واكسرها بترك زي القراء عن ظاهرها وانج من آفاتها بدوام سوء الظن بها واصحبها بخلاف هواها وكان عبد الواحد بن زيد يقسم بالله تعالى إن الله تعالى ما صافى أحدا إلا بالجوع ولا مشوا على الماء إلا به ولا طويت لهم الأرض إلا بالجوع ولا تولاهم الله تعالى إلا بالجوع وقال أبو طالب المكي مثل البطن مثل المزهر وهو العود المجوف ذو الأوتار إنما حسن صوته لخفته ورقته لأنه أجوف غير ممتلئ وكذلك الجوف إذا خلا كان أعذب للتلاوة وأدوم للقيام وأقل للمنام وقال أبو بكر بن عبد الله المزني ثلاثة يحبهم الله تعالى رجل قليل النوم قليل الأكل قليل الراحة وروي أن عيسى عليه السلام مكث يناجي ربه ستين صباحا لم يأكل فخطر بباله الخبزفانقطع عن المناجاة فإذا رغيف موضوع بين يديه فجلس يبكي على فقد المناجاة وإذا شيخ قد أظله فقال له عيسى بارك الله فيك يا ولي الله ادع الله تعالى فإني كنت في حالة فخطر ببالي الخبز فانقطعت عني فقال الشيخ اللهم إن كنت تعلم أن الخبز خطر ببالي منذ عرفتك فلا تغفر لي بل كان إذا حضر لي شيء أكلته من غير فكر وخاطر وروي أن موسى عليه السلام لما قربه الله عز وجل نجيا كان قد ترك الأكل أربعين يوما ثلاثين ثم عشرا على ما ورد به القرآن لأنه أمسك بغير تبييت يوما فزيد عشرة لأجل ذلك.

تعليقات

  1. بارك الله فيك وجزاك خيرا لكن يحسب على الموضوع ضعف الأدله

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اشعرية الحافظ ابن حجر العسقلانى

إن كانت البردة الشريفة للبوصيرى شركا كما يدعى الوهابية فيكون علماء الأمة كلهم مشركون وهذا هو الدليل

أقوال الامام النووى فى التبرك والتوسل