دار الافتاء المصرية هل لله تعالى مكان أو تحيز؟


                                     

بسم الله الرحمن الرحيم 
دار الافتاء المصرية 
الرقـم المسلسل: 4307
الموضوع: هل لله تعالى مكان أو تحيز؟
الـمـفـتـــي: أمانة الفتوى

قال: اطلعنا على الطلب المقيد برقم 2514 لسنة 2005م المتضمن :
أنا طالب بكلية الشريعة وقد تعلمت ودرست في علم العقيدة : أن الله موجود بلا مكان ولا يتحيز في أي جهة ، فأفتوني في ذلك ؛ حيث إن هناك بعض من يتهجم على عقيدة الأزهر.
الجواب:
من ثوابت العقيدة عند المسلمين أن الله تعالى لا يحويه مكان ولا يحده زمان ؛ لأن المكان والزمان مخلـوقان ، وتعالى الله سبحانه أن يحيط به شيء من خلقه ، بل هو خالق كل شيء ، وهو المحيط بكل شيء
وهذا الاعتقاد متفق عليه بين المسلمين لا يُنكره منهم مُنكِرٌ ، وقد عبَّر عن ذلك أهل العلم بقولهم : " كان الله ولا مكان ، وهو على ما كان قبل خلق المكان ؛ لم يتغير عما كان "
ومن عبارات السلف الصالح في ذلك : قول الإمام جعفر الصادق عليه السلام : " مَنْ زعم أن الله في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشرك ؛ إذ لو كان في شيء لكان محصورًا ، ولو كان على شيء لكان محمولا ، ولو كان من شيء لكان مُحْدَثًا " ا هـ .
وقيل ليحيى بن معاذ الرازي : أَخْبِرْنا عن الله عز وجل ، فقال : إله واحد ، فقيل له : كيف هو ؟ قال : ملك قادر ، فقيل له : أين هو ؟ فقال : بالمرصاد ، فقال السائل : لم أسألك عن هذا ؟ فقال : ما كان غير هذا كان صفة المخلوق ، فأما صفته فما أخبرت عنه .
وسُئِل ذو النون المصري رضي الله عنه عن قوله تعالى { الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى } ، فقـال : " أثبت ذاته ونفى مكانه ؛ فهو موجود بذاته والأشياء بحكمته كما شاء " ا هـ .
وأما ما ورد في الكتاب والسنة من النصوص الدالة على علو الله عز وجل على خلقه فالمراد بها علو المكانة والشرف والهيمنة والقهر ؛ لأنه تعالى منـزه عن مشابهة المخلوقين ، وليست صفاته كصفاتهم ، وليس في صفة الخالق سبحانه ما يتعلق بصفة المخلوق من النقص ، بل له جل وعلا من الصفات كمالُها ومن الأسماء حُسْنَاها
وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك ، والعجز عن درك الإدراكِ إدراكُ ، والبحث في كنه ذات الرب إشراكُ .
وعقيدة الأزهر الشريف هي العقيدة الأشعرية وهي عقيدة أهل السنة والجماعة ، والسادة الأشاعرة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم هم جمهور العلماء من الأمة ، وهم الذين صَدُّوا الشبهات أمام المَلاَحِدَةِ وغيرهم ، وهم الذين التزموا بكتاب الله وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبر التاريخ ، ومَنْ كفّرهم أو فسّقهم يُخْشَى عليه في دينه
قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله في كتابه " تبيين كذب المفتري ، فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري " : " اعلم وفقني الله وإياك لمرضاته ، وجعلنا ممن يتقيه حق تقاته ، أن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، وأن من أطلق عليهم لسانه بالثلب ، ابتلاه الله قبل موته بموت القلب " ا هـ .
والأزهر الشريف هو منارة العلم والدين عبر التاريخ الإسلامي ، وقد كوَّن هذا الصرحُ الشامخُ أعظم حوزة علمية عرفتها الأمة بعد القرون الأولى المُفَضَّلة ، وحفظ الله تعالى به دينه ضد كل معاند ومشكك ؛ فالخائض في عقيدته على خطر عظيم ، ويُخْشَى أن يكون من الخوارج والمرجفين الذي قال الله تعالى فيهم : { لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلًا } (الأحزاب 60) .
والله سبحانه وتعالى أعلم
دار الافتاء المصرية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اشعرية الحافظ ابن حجر العسقلانى

إن كانت البردة الشريفة للبوصيرى شركا كما يدعى الوهابية فيكون علماء الأمة كلهم مشركون وهذا هو الدليل

أقوال الامام النووى فى التبرك والتوسل