العقيدة الأشعرية في المغرب


    يشكل الجانب العقدي للأمة المغربية، عبر تاريخها الطويل، ثابتا من ثوابت الدولة المغربية، ومعلما من معالم هويتها الثقافية. ولما كانت العقيدة الأشعرية قد ارتبطت بتاريخ المغرب ارتباطا قويا وطويلا، امتد ما يقارب عشرة قرون، فإن الإهتمام بتاريخ حضورها وتطورها في هذا البلد يشكل مطلبا علميا جديرا بالإهتمام والمتابعة.
    لذلك، فإن هذا الملف سيحاول أن يثير مجموعة من القضايا والإشكالات التي ستساعد في كشف النقاب عن مكمن السر في تشبث المغاربة بهذا المذهب إلى يومنا هذا، ثم ما هي نقط القوة في هذا المذهب التي منحته القدرة على التكيف والاستمرارية؟
    ومما لا شك فيه، أن تتبعنا لمختلف الأطوار التاريخية التي مر بها هذا الفكر في هذه المنطقة بالذات سيكشف لنا الآليات التي كانت تحركه، وأوجه تميزه واستقلاليته عن المدرسة الأشعرية في المشرق، مما يكشف طبيعة العلاقة الجدلية القائمة بين هذا الفكر وخصوصية الواقع المغربي المميز، وملابساته التاريخية والاجتماعية والسياسية التي عرفها. سيما وأن الفكر الأشعري المغربي قد عرف قفزة نوعية، سواء من حيث تطوره التاريخي، أو من حيث مضامينه وثوابته، أو منهجيته.
    وهناك جوانب تميز بها حضور علم الكلام الأشعري في الغرب الإسلامي، من ذلك أنه نظرا لارتباط المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي في بداياته الأولى بالمشروع الإصلاحي السياسي والديني، فقد وقعت في هذا المذهب انتقائية واضحة حكمت وجوده واستمراره في هذه البقعة من العالم الإسلامي.
    أضف إلى ما سبق، أن الحضور الطويل للعقيدة الأشعرية في هذه المنطقة باعتبارها العقيدة الرسمية، جعل مضامينها تؤثر بكيفية أو بأخرى في مجموع مناحي الحياة الشفوية والسياسية. فقد تشربت هذه العقيدة وتمثلتها من خلال الأدعية، والحكم، والأمثال السائدة، فعكست جميعها فكرة القضاء والقدر، والقدرة المطلقة للذات الإلهية، وإمكانية رؤية الله، وأمور أخرى.
    من هنا تبرز أهمية إعادة الاعتبار لهذا الفكر، وتجديد قراءته، وتطوير مقولاته، وإعادة تقعيد قواعده، تمشيا مع روح العصر ووفقا لمقتضيات الحوار الحضاري. كما أن الحاجة ماسة اليوم للتذكير بدور المغاربة في المحافظة على العقيدة الأشعرية، والرغبة في إحياء هذا التراث، والتذكير بماضيه بغية تقويمه وتطويره..

    تعليقات

    المشاركات الشائعة من هذه المدونة

    اشعرية الحافظ ابن حجر العسقلانى

    إن كانت البردة الشريفة للبوصيرى شركا كما يدعى الوهابية فيكون علماء الأمة كلهم مشركون وهذا هو الدليل

    أقوال الامام النووى فى التبرك والتوسل