أصول المذهب الأشعري

حول العقيدة الاشعرية كان المجتمع الإسلامي في القرون الأولى المشهود لها بالخيرية منسجما من الناحية الثقافية والعقدية. لكن بعد دخول مجتمعات بأكملها تقريبا في الإسلام تحول الوضع؛ فهناك العجمة اللغوية، وهناك الرواسب الدينية السابقة على الإسلام، وهناك الجدل الحاد مع النصارى واليهود وغيرهم من الديانات والنحل. وهذه الطوائف أدركت أن من جوانب القوة في جدلها مع المسلمين إثارة دلالات الآيات المتشابهات، إما للتشكيك في صحة الإسلام بنسبة نصوصه إلى التناقض؛ أو بحمل معاني هذه النصوص على عقائد وقضايا موجودة في هذه الأديان. ويضاف إلى مثل هذه الشبهات التي تفتن العامة ضغط المعتزلة. وفي هذه الفترة الدقيقة والحرجة من تاريخ المجتمعات الإسلامية في المشرق كان تحول أبي الحسن الأشعري إلى مذهب أهل السنة والجماعة.. ولم يكن إسهام الأشعري مجرد إبداع رجل متفرد في علمه وفي استيعاب الآراء الرائجة في عصره؛ بل كان كذلك ثمرة تطور مذهب أهل السنة والجماعة وهو ينتقل من مرحلة تجنب الخوض في دقائق علم العقيدة كالذات الإلهية إلى مرحلة الدفاع عن العقيدة الصحيحة بالأدلة والبراهين التي تناسب طبيعة التحدي العقدي والفكري في المجتمعات المسلمة، وخاصة تلك التي تأوي ديانات متعددة ومذاهب متصارعة. فقد كان الأشعري امتدادا لطائفة من أعلام أهل السنة الذين خلفوا الأئمة الأوائل كأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل في تصديهم للإنحرافات العقدية ولكن بأسلوب يناسب التحديات الجديدة؛ ومن هؤلاء عبد الله بن سعيد بن كلاب (ت 240هـ) أول متكلم من أهل السنة يناقش المعتزلة بأسلوبهم، ومنهم أبو العباس أحمد بن عبد الرحمان القلانسي (ت حوالي 350هـ)... ومع أن أتباع الأشعري من علماء كل عصر قد أضافوا تفصيلات وتدقيقات واختيارات إلى المذهب؛ فإن الأشاعرة يشتركون في الخصائص الآتية: - احترام النصوص واعتبارها المصدر الرئيس للعقيدة. يقول الأشعري في "الإبانة عن أصول الديانة": «قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث»(7) . - حمل النصوص على ظاهرها مبدئيا، وعدم اللجوء إلى التأويل إلا إذا أوجبته ضرورة تنزيه الخالق عز وجل عما لا يليق به من الصفات. - تأييد معاني العقيدة التي وردت بها النصوص الشرعية بالبرهان العقلي الذي يوظف كل ما يمكن أن ينصر العقيدة السنية كالمعطيات الكونية والطبيعية والمنطق والفلسفة وثقافة العصر عموما. وقد أثمرت هذه الخصائص فكرا عقديا يقوم على الأصول التالية: - إثبات صفات أزلية للباري عز وجل زائدة على الذات؛ كالعلم والقدرة والإرادة... وما جاء في القرآن والحديث الصحيح من الصفات الخبرية الموهمة لتشبيه الله بخلقه وتجسيمه كالاستواء على العرش، وإثبات الوجه واليد، يقع تأويله بما تدل عليه من السيطرة والقدرة والذات. - القرآن “كلام الله- قديم باعتباره كلاما نفسيا قائما بذات الله تعالى، وهو صفة من صفات الله. أما الأصوات والحروف فهي حادثة. - أفعال العباد خيرها وشرها من خلق الله؛ والإنسان يكتسبها بالقدرة التي خلقها الله فيه. - رؤية الله بالأبصار ثابتة في الآخرة. - مرتكب الكبيرة يظل مؤمنا؛ ولكنه يعاقب في الآخرة. - الحوض والميزان والبرزخ والشفاعة حق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اشعرية الحافظ ابن حجر العسقلانى

إن كانت البردة الشريفة للبوصيرى شركا كما يدعى الوهابية فيكون علماء الأمة كلهم مشركون وهذا هو الدليل

أقوال الامام النووى فى التبرك والتوسل