ذم الغضب



بيان ذم الغضب
 قال الله تعالى إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين الآية ذم الكفار بما تظاهروا به من الحمية الصادرة عن الغضب بالباطل ومدح المؤمنين بما أنزل الله عليهم من السكينة وروى أبو هريرة أن رجلا قال يا رسول الله مرني بعمل وأقلل قال لا تغضب ثم أعاد عليه فقال لا تغضب 
 وقال ابن عمر قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قل لي قولا وأقلله لعلي أعقله فقال لا تغضب فأعدت عليه مرتين كل ذلك يرجع إلى لا تغضب
  وعن عبد الله بن عمرو أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا ينقذني من غضب الله قال لا تغضب  وقال ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم ما تعدون الصرعة فيكم قلنا الذي لا تصرعه
الرجال قال ليس ذلك ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب  وقال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب 
 وقال سليمان ابن داود عليهما السلام يا بني إياك وكثرة الغضب فإن كثرة الغضب تستخف فؤاد الرجل الحليم وعن عكرمة في قوله تعالى وسيدا وحصورا قال السيد الذي لا يغلبه الغضب وقال أبو الدرداء قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة قال لا تغضب  وقال يحيى لعيسى عليهما السلام لا تغضب قال لا أستطيع أن لا أغضب إنما أنا بشر قال لا تقتن مالا قال هذا عسى  
 الآثار قال الحسن يا ابن آدم كلما غضبت وثبت ويوشك أن تثب وثبة فتقع في النار وعن ذي القرنين أنه لقي ملكا من الملائكة فقال علمني علما ازداد به إيمانا ويقينا قال لا تغضب فإن الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب فرد الغضب بالكظم وسكنه بالتؤدة وإياك والعجلة فإنك إذا عجلت أخطأت حظك وكن سهلا لينا للقريب والبعيد ولا تكن جبارا عنيدا وعن وهب بن منبه أن راهبا كان في صومعته فأراد الشيطان أن يضله فلم يستطع فجاءه حتى ناداه فقال له افتح فلم يجبه فقال افتح فإني إن ذهبت ندمت فلم يلتفت إليه فقال إني أنا المسيح قال الراهب وإن كنت المسيح فما أصنع بك أليس قد أمرتنا بالعبادة والاجتهاد ووعدتنا القيامة فلو جئتنا اليوم بغيره لم نقبله منك فقال إني الشيطان وقد أردت أن أضلك فلم أستطع فجئتك لتسألني عما شئت فأخبرك فقال ما أريد أن أسألك عن شيء قال فولى مدبرا فقال الراهب ألا تسمع قال بلى قال أخبرني أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم فقال الحدة إن الرجل إذا كان حديدا قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة وقال خيثمة الشيطان يقول كيف يغلبني ابن آدم وإذا رضي جئت حتى أكون في قلبه وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه
وقال جعفر بن محمد الغضب مفتاح كل شر وقال بعض الأنصار رأس الحمق الحدة وقائده الغضب ومن رضي بالجهل استغنى عن الحلم والحلم زين ومنفعة والجهل شين ومضرة والسكوت عن جواب الأحمق جوابه وقال مجاهد قال إبليس ما أعجزني بنو آدم فلن يعجزوني في ثلاث إذا سكر أحدهم أخذنا بخزامته فقدناه حيث شئنا وعمل لنا بما أحببنا وإذا غضب قال بما لا يعلم وعمل بما يندم ونبخله بما في يديه ونمنيه بما لا يقدر عليه وقيل لحكيم ما أملك فلانا لنفسه قال إذا لا تذله الشهوة ولا يصرعه الهوى ولا يغلبه الغضب وقال بعضهم إياك والغضب فإنه يصيرك إلى ذلة الاعتذار وقيل اتقوا الغضب فإنه يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل وقال عبد الله بن مسعود انظروا إلى حلم الرجل عند غضبه وأمانته عند طمعه وما علمك بحلمه إذا لم يغضب وما علمك بأمانته إذا لم يطمع وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله أن لا تعاقب عند غضبك وإذا غضبت على رجل فأحبسه فإذا سكن غضبك فأخرجه فعاقبه على قدر ذنبه ولا تجاوز به خمسة عشر سوطا وقال علي بن زيد أغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول فأطرق عمر زمانا طويلا ثم قال أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غدا
وقال بعضهم لابنه يا بني لا يثبت العقل عند الغضب كما لا تثبت روح الحي في التنانير المسجورة فأقل الناس غضبا أعقلهم فإن كان للدنيا كان دهاء ومكرا وإن كان للآخرة كان حلما وعلما فقد قيل الغضب عدو العقل والغضب غول العقل وكان عمر رضي الله عنه إذا خطب قال في خطبته أفلح منكم من حفظ من الطمع والهوى والغضب وقال بعضهم من أطاع شهوته وغضبه قاداه إلى النار
 وقال الحسن من علامات المسلم قوة في دين وحزم في لين وإيمان في يقين وعلم في حلم وكيس في رفق وإعطاء في حق وقصد في غنى وتجمل في فاقة وإحسان في قدرة وتحمل في رفاقة وصبر في شدة لا يغلبه الغضب ولا تجمح به الحمية ولا تغلبه شهوة ولا تفضحه بطنه ولا يستخفه حرصه ولا تقصر به نيته فينصر المظلوم ويرحم الضعيف ولا يبخل ولا يبذر ولا يسرف ولا يقتر يغفر إذا ظلم ويعفو عن الجاهل نفسه منه في عناء والناس منه في رخاء وقيل لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق في كلمة فقال اترك الغضب وقال نبي من الأنبياء لمن تبعه من يتكفل لي أن لا يغضب فيكون معي في درجتي ويكون بعدي خليفتي فقال شاب من القوم أنا ثم أعاد عليه فقال الشاب أنا أوفي به فلما مات كان في منزلته بعده وهو ذو الكفل سمي به لأنه تكفل بالغضب ووفي به وقال وهب بن منبه للكفر أربعة أركان الغضب والشهوة والخرق والطمع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
>حديث أبي هريرة إن رجلا قال يا رسول الله مرني بعمل وأقلل قال لا تغضب ثم أعاد عليه فقال لا تغضب رواه البخاري
>حديث ابن عمر قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قل لي قولا وأقلل الحديث أخرج نحوه أبو يعلى بإسناد حسن
>حديث عبد الله بن عمرو سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبعدني من غضب الله قال لا تغضب أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق وابن عبد البر في التمهيد بإسناد حسن وهو عند أحمد  وأن عبد الله بن عمرو هو السائل
>حديث ابن مسعود ما تعدون الصرعة الحديث رواه مسلم
>حديث أبي هريرة ليس الشديد بالصرعة الحديث متفق عليه 
>حديث أبي الدرداء دلني على عمل يدخلني الجنة قال لا تغضب أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبير والأوسط بإسناد حسن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اشعرية الحافظ ابن حجر العسقلانى

إن كانت البردة الشريفة للبوصيرى شركا كما يدعى الوهابية فيكون علماء الأمة كلهم مشركون وهذا هو الدليل

أقوال الامام النووى فى التبرك والتوسل